حين يختل ترتيب الأولويات في العلاقات الإنسانية.
Medium | 25.12.2025 04:57
حين يختل ترتيب الأولويات في العلاقات الإنسانية.
2 min read
·
Just now
--
Share
في العلاقات الإنسانية، لا تُقاس قيمة الروابط بما يُقال فيها من وعود أو مشاعر، بل بما يظهر عند لحظات الاختلاف والاختبار. فهناك علاقات تنهار بصمت، لا بسبب الخلاف ذاته، بل بسبب اختلال غير مرئي في ترتيب الأولويات، حين يشعر أحد الأطراف أن احترامه لم يعد في الصدارة.
يميل الإنسان بطبيعته إلى البحث عن القبول والانتماء، غير أن هذا الميل قد يتحول، في بعض الحالات، إلى حاجة مفرطة تجعل الفرد أسير نظرة الآخرين. وحين يصبح الرضا الخارجي شرطا للشعور بالقيمة، يبدأ الإنسان، دون وعي، في تعديل مواقفه وسلوكياته حتى لو تعارض ذلك مع ما يشعر به تجاه أقرب الناس إليه.
في هذا السياق، لا يكون إهمال القريب أو تجاوز مشاعره ناتجا عن قسوة متعمدة، بقدر ما يكون انعكاسا لخوف داخلي من الرفض أو العزلة. فيطمئن الإنسان إلى من يظنهم ثابتين في حياته، ويَفْرِط في مطالبته لهم بالتفهم، بينما يستنزف طاقته في إرضاء محيط قد لا يمنحه الاستقرار ذاته.
هذا الخلل يترك أثرا عميقا على الطرف الآخر، إذ يبدأ بالتساؤل عن موقعه الحقيقي في العلاقة، وعن حدود الاحترام المتبادل. ومع الوقت، قد يتحول الدعم إلى عبء، والتفهم إلى صمت قسري، فتفقد العلاقة أحد أهم مقوماتها: الشعور بالأمان.
العلاقات المتوازنة لا تقوم على إلغاء الذات لإرضاء الآخرين، ولا على التضحية الصامتة باسم التفهم الدائم، بل على وضوح الحدود والقدرة على حماية الاحترام المتبادل. فالقرب الحقيقي لا يُقاس بالمسافة الاجتماعية، بل بالمكانة التي يحتلها الإنسان في قرارات من يرتبط بهم.
وفي النهاية، يظل احترام القريب اختبارا صادقا للنضج الإنساني. فالقوة لا تكمن في كثرة العلاقات أو في اتساع القبول الاجتماعي، بل في القدرة على الحفاظ على من يشكلون عمق حياتنا، دون خوف من فقدان رضا العابرين.